(زحمة يادنيا زحمة) أغنية شعبية مصرية تغنى بها الفنان الشعبي (أحمد عدوية) يوماً ما في الستينات الميلادية فغنى معه الشعب العربي بأكمله من باب ربما التعايش مع زحمة المصريين الغير متوقفة وايضََا لما فيها من طرفة.

أما زحمتنا هذه الأيام فهي بالجمع أي (زحمات) فالزحمة قد نضيق بها ذرعاً أحياناً وأحياناً قد يكون فيها متسع من الأنس والفراغ!

زحماتنا هذه الأيام أيها المستورين فيها الكثير من النعم أو كماليات النعم بالأحرى، فتقديم الشاهي مثلاً سيطر على كل جزء من شوارعنا وكل حارة تقريباً، وهو مشروب جميل فيه من تفتيح المسام المسؤلة عن الروقان ما فيه، وهو يجمع الأصحاب حوله كجمعة الأغنام حول مستطيل الشعير بعد عناء يوم متعب على قمم جبل المرعى الغير مقنع مالم تكن نهايته لوك (الشعير) لوكََا، الشاهي الأحمر ولاغيره سعادة للعشاق ومواصلة للعاملين في دائرة الكدح وهو متنفس للمحرومين بتجرع الغصات وبالتالي نسيانها حتى لوكانت ساخنة حارقة، إننا نحتسي هذا المشروب العجيب في كل وقت حتى لوكنا في أشد أوقات القيض لايهمنا أن تلتهب أفئدتنا فالمهم أن نوفي مشروبنا حقه من الحمرة الغير مفرطة، ولما لشاهي من أهمية عند طلاب (البسطة) تحتم أن تتوسع هذه الدائرة الكبيرة المليئة بالكثير من أنواع وأصناف الشاي وألوانه ففي بداية هذه الألفية أو مايقاربها لاحظنا نحن المتيمين بالروقان أن مشروبنا الذي تركناه في البيت لكي يغلي أو في كرتون السعادة ينتظر، أنه أمامنا على الأرصفة وفي (كشكات) المترزقين في البراد الأصفر (السمين) وتحته الجمر الثابت كالجبل، ليقدم مخلوطََا مع أوراق الشجر الزكية، إلا لمن كان له وجهة نظر تقول أن الشاهي عبارة عن أوراق لايقدم إلا وحيداً فما الداعي أن تشاركه الأوراق الأخرى في كأسه الفريد، رويدََا رويدََا تقدم تقديم الشاي الى أن صار له دوره وجلستاه المريحة وترك الناس شاي البيت في (حزة العصاري) بما فيها من لمة الأهل، واتجهوا إلى لمات (الفاضين) بين أروقة ومساحات (كافيهات) المدينة وربما القرية، وتفنن أهل المال أو من يقلدهم في تأليف ودراسة الديكورات المناسبة لمثل هذه (البراديات) فإذا أردت البحث عزيزي المتجول عن مبتغاك فلا تأفف إذا تعثرت بزاوية أومربع منعنش أومحبق، ويبقى التساؤل المطروح في رأسي المتواضع، مالسر في عدم إنتشار مقاهي ومحلات الشاي من قبل هل الإنسان كل ماتقدم الزمان يتقدم هو أيضاً بأفكاره؟!

وكذلك ينطبق هذا التساؤل على الكثير من وسائل الرفاهية أو الكماليات ليس الشرب فقط بل أيضاً الأكل والاتصالات والكهرباء، ويبقى هذا المشروب السحري هو محورنا سابقََا ولاحقََا إن لم يكن جزء من حياتنا اليومية، أما أنا فأفضله وأنا لوحدي أحواره ويحاورني شاردََا بالتأمل والكتابة والهيام..!