السماحة في التعامل مع الناس
تعتبر السماحة في التعامل خُلقًا إنسانياً وإسلامياً عظيماً يقوم على اللين، واليسر، وحسن المعاملة، والتجاوز عن الزلات، وترك التعسير على الناس في شتى جوانب الحياة، وهي مبدأ عظيم دعت إليه جميع الشرائع السماوية، وخصوصاً الإسلام الذي جعلها ركناً أساسياً في بناء مجتمع متماسك تسوده المودة والمحبة والرحمة.
والسماحة تعني السهولة والجود والعطاء بطيب نفس، والتيسير المعتدل في الأقوال والأفعال والمعاملات، وتجنب التشدد أو التعنت أو الغش أو الخداع ، وتكون وسطاً بين الإفراط والتفريط، وتتجلى في إظهار الوجه المشرق للدين والمعاملات الإنسانية.
وتتضح أهمية السماحة في التعامل في جوانب كثيرة منها:
اقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان مثالاً أعلى في السماحة، وقد دعا بالرحمة لمن كان سمحًا في بيعه وشرائه واقتضائه، فقال: (رحم الله عبداً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى).
ومعنى اقتضى: طلب قضاء حقه بسهولة وعدم إلحاف، وإذا قضى أي أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل، والمطل هو التأخير .
ونيل الأجر العظيم: وعد الله سبحانه وتعالى العافين عن الناس والمتحلين بالسماحة بالأجر العظيم والثواب الكبير، فقد قال تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾. الشورى: 40
وبناء العلاقات الإيجابية: السماحة تصنع الحب، والحب أرضية خصبة للتعاون والتآلف بين الناس، مما يعزز الترابط الروحي والمعنوي.
والراحة النفسية: مسامحة الآخرين ليست فضيلة فحسب، بل ضرورة للصحة النفسية للفرد، فهي تنقي القلب وتطهر الروح.
وتحقيق السلام والاستقرار: بدون التسامح والوئام، لا يمكن الحفاظ على السلام الدائم للمجتمعات، ولا يمكن ترسيخ الولاء المتبادل بين أفرادها.
ويمكن تطبيق خُلق السماحة في الحياة اليومية من خلال الآتي:
1/ السماحة في التعامل مع الآخرين: وتكون باستخدام الألفاظ الحسنة وحسن المحادثة وتجنب الفظاظة والغلظة قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار؟ على كل قريب هين سهل).
2/ التيسير ورفع الحرج: ويكون بعدم التعسير على الآخرين في المطالبات أو المعاملات، وإبداء التفهم لظروفهم.
3/ السماحة في البيع والشراء: وتكون السماحة في البيع والشراء بألا يكون البائع مغالياً في الربح، ومكثرا في المساومة، بل عليه أن يكون كريم النفس، وبالمقابل على المشتري أيضاً أن يتساهل، وأن يكون كريماً مع البائع، وخاصة إذا كان فقيرا.
4/ العفو والصفح: ويكون بالتجاوز عن الزلات وكظم الغيظ والعفو عن المسيء، ما لم يؤد ذلك إلى مفسدة أعظم.
5/ السماحة في قضاء الحوائج: فإن الذي يقضي حوائج الناس، فينفس كربتهم وييسر على معسرهم، ييسر الله عنه في الدنيا والآخرة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
6/ الجود والعطاء: ويكون بالبذل بسخاء وطيب نفس وتجنب الشح والبخل.
7/ العدل والإنصاف: إعطاء الحقوق لأصحابها في مواعيدها دون مماطلة أو عناء.
إن التحلي بالسماحة في التعامل مع الناس هو دعوة لتبني منهج حياة يقوم على اليسر والوسطية والاعتدال، مما يعود بالنفع العميم على الفرد والمجتمع، ويجعل الحياة أكثر سعادة وراحة وطمأنينة.





