
أجمل ما سمعته في حياتي
رغم مرور أكثر من 1,400 سنة، نستمتع دائماً بأقوال الشخصية العظيمة يوماً بعد يوم، جمل تتصف بالدقة المتناهية وروح البناء والاستمرارية. عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. وهو يقول: "ليس اليتيم يتيم الأم والأب، إنما اليتيم يتيم العلم والأدب". المعنى العام للحديث هو أن اليتم الحقيقي ليس مجرد فقدان الأب أو الأم، بل هو فقدان العلم والأخلاق الحميدة. فالإنسان الذي فقد والديه، ولكنه يتمتع بالعلم والأدب، فهو ليس يتيماً بمعنى الكلمة، لأن العلم والأدب يمثلان له سنداً وعوناً في الحياة. أما من فقد العلم والأخلاق، حتى لو كان والداه على قيد الحياة، فهو اليتيم الحقيقي، لأنه فاقد لأهم مقومات الحياة الكريمة. قول آخر "اثنان لا يشبعان: طالب العلم وطالب المال". كل وعاء يضيق بما جعل فيه، إلا وعاء العلم فإنه يتسع. فبلاغة وحكمة الأمام علي "عليه السلام" ضخمة ليس لها سقف عددي أو زمني، ولا يستطيع العقل البشري حصرها. لفت انتباهي قصائد عربية قرأتها من كتاب، هناك قصيدة اشتهرت في الآدب العربي الحديث لشاعر المهجر إيليا أبو ماضي هي الأخرى تترجم النقائض في رغبات الإنسان. ترجم الشاعر فيها النقائض في رغبات البشر. الفتى يشكو من أحزان الشباب، والشيخ يشكو الضعف والوحشة والاكتئاب ويهفو لسنين الشباب، الحسناء ترى الحزن والشقاء بسبب الجمال وحسد الحساد، الجارية تبكي البؤس والفقر والحرمان، الفقير يشكو هموم الفقر والعوز، الغني تعب بثروته وشقي بما تحقق له. وهناك أيضاً خالدة الشاعر غازي القصيبي "الفرسان" رسم فيها التناقض والمقابلات في قصيدته المشهورة التي يقول إنها: "مسرحية من نوع ما، إلى التي لاتزال تبحث عن فارس". ولا ننسى النقائض والمقابلات التي كانت واضحة في مشاهد عنترة العبسي ومصعب بن الزبير وطارق بن زياد ويوليوس قيصر ونابليون بونابرت ودونكيشوت. حتى الملحد الذي لا يؤمن بوجود الخالق العظيم، وليس له أي ارتباط لا من قريب ولا من بعيد في الايمان والخلق. يناقض نفسه ويصر على الالحاد بقوة، وينقض أي دليل لوجود خالق ومدبر لهذا الكون الدقيق. هناك قصة في غاية الروعة تتحدث عن محاضر وبروفسور في الجامعة يتبع التوجه "الإلحادي" أو ملحد يذهب الى عبادة النفس، أي الأهداف شخصية ودنيوية فقط. ويعتقد ويجزم بأن ليس هناك حياه آخره. وجه سؤال الى الطلبة: هل تقولون ان الله خلق كل شي؟ قالو: نعم. فأخدد البرفسور أو الدكتور بالجامعة، يكرر السؤال: هل الله خلق كل شي؟ قالو: نعم. فقال الدكتور: معنى كلامكم أن الله خلق الشر أيضاً، معناه أن الله خلق الشيطان أيضاً. طيب كيف يستقيم هذا؟ أصبح يسأل ويوجه إلى الطلاب السؤال: ما هو الهدف الذي يسعى له هذا الرب؟ ف رد أحد الطلاب عليه، وقال له الله تعالى خلق الشر، وفي المقابل خلق كل المصدات في داخلنا لتوقف حركة الشر. فقال الدكتور: هذا ليس سؤالي. السؤال مرة أخرى: الله خلق الشر أو لا؟ كل الطلاب في حالة صمت، فشعر الدكتور الملحد بنشوة الانتصار. أحد الطلاب رفع يده، وقال: ممكن سؤال ي دكتور؟ قال له: نعم. سأل الطالب الدكتور: هل يوجد البرد؟ رد الدكتور: فقال، نعم البرد موجود. فقال الطالب: لا، أنت مخطى. بحسب علم الفيزياء فالبرد نتيجة لعدم وجود الحرارة، والفيزياء تدرس العناصر الناقلة للطاقة. أما العناصر المدروسة التي لا تتفاعل مع الطاقة، اسماها العلم "بالبرد". فالبرد هو تسمية اعتبارية لعدم وجود الحرارة. فأجاب الدكتور: صحيح. سؤال آخر دكتور، قال: تفضل. سأل الطالب: هل الظلام موجود؟ رد الدكتور: قال "نعم" موجود. فقال الطالب: لا، أنت مخطى. بحسب العلم، وبحسب مؤشر نيكولاس فأن الضوء عبارة عن موجات طولية، غياب هذه الموجات يسمى بالظلام. ف من الناحية العلمية الظلام لا يدرس. ويعتقد أنه لا يوجد كتاب علمي واحد يدرس عن الظلام. فأغلب الكتب تدرس وتبحث عن الضوء. الظلام عبارة عن ظاهرة عدم أو غياب الضوء. فأجاب الدكتور إلى الطالب: كلامك صحيح. فقال الطالب، رجوعاً إلى لب الموضوع الرئيسي: كذلك الشر، الشر هو غياب الله في القلوب، الله لم يخلق الشر. الشر هو غياب طاعة الله تعالى، الشر هو غياب الحب، الشر هو غياب الإنسانية، الشر هو غياب الخير. سكت الدكتور. ضربه الضربة القاضية التي لم يقوم بعدها. يا سلام، عظيم في ربوبيته، عظيم في ألوهيته، عظيم في أفعاله، عظيم في قدرته، ولا يوجد وصف للعظمة مما يليق بجلاله إلا هو متصف به.