
اعتن جيداً بسمعتك
السمعة هي رأي الناس عن الشخص في غيابه ، أو الطريقة التي يصفونه بأنه جيد أو سيء ، وهي الصيت أو الانطباع الذي نتركه للناس ، ويحملونه عنا، حُسنًا أو سوءًا .
وترتبط السمعة بالبصمة الأخلاقية للشخص ، وتعتبر السمعة رأس المال والعمر الحقيقي لكل إنسان ، ويمكن للشخص العمل عليها وتطويرها بهدف زيادة قيمته وتعزيز أهميته ؛ وذلك إضافة إلى رأس المال المعرفي ورأس مال العلاقات.
ويكتب الإنسان سمعته بسلوكياته الطيبة وأخلاقه الجميلة ونمط علاقاته مع الآخرين، والناس شهداء الله في أرضه ، عن أنس رضي الله عنه قال: "مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي ﷺ وجبت، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال وجبت، فقال عمر بن الخطاب: ما وجبت؟ قال هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض". رواه البخاري.
والسمعة الطيبة هي حياة خالدة للمؤسسات والأفراد لا تفنى بموت صاحبها ، وحياة الناس لا تستقيم إلا بالتعاون، ولا تطيب إلا بردّ الجميل، فالنفوس الكريمة لا تنسى الفضل، ولا تتنكر للمعروف، ولو بعد حين ، ومن لَهَجَ قلبه بالعرفان، وسما خُلقه بالوفاء، عاش محبوبًا، وبورك له في دنياه وأُخراه ، قال عليه الصلاة والسلام: " من صَنَع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإنْ لم تَجِدوا ما تكافِئونَه فادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه" ، فالفضل لا يُقابل بالجحود، والإحسان لا يُطفئه النسيان، وإن الله بصيرٌ بمن يحفظ الود، ويكرم من أحسن، ويصون المعروف، ولو بكلمة صادقة، أو دعوة في ظهر الغيب.
ولا تقتصر سمعة المؤسسات على علاماتها التجارية بل يتجاوز ذلك لتشمل الصورة الذهنية العامة التي يمتلكها الآخرون من جمهور وعملاء ومستثمرين وموظفين تجاهها.
وتكوين السمعة الحسنة رحلة مستمرة في حياة المؤسسات والأفراد تبدأ من بداية إنشاء المؤسسة ومن بداية طفولة الإنسان ولا تتكون السمعة الحسنة بين يوم وليلة بل تحتاج إلى سنوات طويلة ، وتأتي مع تراكم الأيام والسنين والتجارب.
صنائعك هي مرآة بقائك، فاختر من الأثر أصفاه، ومن الفعل أرقاه، دع أثرك طيبًا يُروى، وسيرتك نورًا يُهدى، فالبشر يفنون وأعمالهم تُروى!
قال إبراهيم النخعي رحمه الله :" كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى صلاته والى سمته والى هديه ". صفة الصفوة 2/553.
واعتن جيداً بسمعتك في تعاملك مع زوجتك وأهل بيتك من البنين والبنات والأقارب والأرحام فقد أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الحسنة معهم قال تعالى: (وعاشروهنَّ بالمعروف). قال السعدي في تفسيره: "يصاحبها صُحبةً جميلةً، بكفِّ الأذى وبذلِ الإحسان وحُسنِ المعاملة والخُلُق".
فالسمعة تسبق الشخص حتى في غيابه وهي مقياس مثالي لحسن السلوك، ليس فقط للشخص، ولكن أيضاً، لعلاقة الشخص بالآخرين، سواء الذين يعرفونه أو الذين لا يعرفونه، كالعائلة، ومكان الدراسة أو العمل، والقبيلة.
ومن السمعة الحسنة أن يكون الإنسان كريماً صاحب معروف، يعطي المعدوم، ويصل الرحم، ويقري الضيف، ويعين العاجز الفقير في النوائب ، ويكون مفتاحاً للخير يصلح بين الناس.
وسمعة الإنسان المسلم بأعمال الخير التي يعملها تكون سبباً في توفيق الله تعالى له ، وعمل الخير ينفع صاحبه دائماً ، وييسر الله له من الناس من يخدمه ويعينه.
قال الشاعر حافظ إبراهيم:
إني لتطربني الخلال كريمة ** طرب الغريب بأوبة وتلاق
ويهزني ذكر المروءة والندى ** بين الشمائل هزة المشتاق
فإذا رزقت خليقة محمودة ** فقد اصطفاك مقسِّم الأرزاق
والناس هذا حظه مال وذا علم ** وذاك مكارم الأخلاق