
الفصل الرابع “قصيدةٌ كادت تقتله.. فقتلها بالصوت وحده”
منذ 1 شهر01727
(عن مجنون ليلى)
لم يكن يحمل سيفًا،
ولا يعرف كيف يُطعن… إلا بالحرف.
كان قلبه خيمةً،
وفيها “ليلى” تتقلب بين صدره ولسانه.
لكن العاشق، حين يُسمّي من يحب،
فقد خالف سُنن الحيّ، وكسر واجب الصمت…
وترك القصيدة تهتف بما لا ينبغي أن يُقال.
كان قيس يقول شعرًا ناعمًا،
لكن فيه من الجرأة ما يخلخل أعمدة الخيمة:
تعلّق قلبي طفلةً عربيةً
نؤومُ الضحى، لم تتخذ بعدُ مضجعًا
بيت واحد فقط…
فجّر العاصفة.
الرواية:
حين شاعت أشعاره في ليلى،
– غضب والدها،
– واشتد حنق الحيّ،
– وقيل له:
“عيبٌ أن تذكرها باسمها، والناس يسمعون.”
لكنه لم يتوقف.
بل أنشد في مجلس قِيل إن أخاها أو عمّها كان حاضرًا فيه:
وإني لمفتونٌ بها، متعلّقٌ
كما تعلّق الحبلُ الطروبُ المُجاشِعُ
فأُخذ من المجلس،
وقيل إنه ضُرب حتى أغشي عليه.
وفي رواية من “الأغاني” لأبي الفرج الأصفهاني،
قيل إن بعض أهل ليلى هددوه بالقتل إن لم يكفّ عن إنشاد شعره فيها،
فقال:
إذا مُتُّ من عشقٍ لليلى… فهذه
شهادةُ صدقٍ، لا شهادةُ مُرتدِّ
النتيجة:
•فُرّقت بينه وبين ليلى.
•زُوّجت قسرًا بغيره.
•ضُرب، وهام في الأرض.
•طُرد من القبائل.
•ومات، لا قتيل سيف… بل قتيل بيتٍ قاله ذات حنين.
تأمل ختامي:
لم يُذبح قيس،
لكن كل بيتٍ قاله… نزف منه شيئًا.
قصيدته لم تُقَطِّع أوصال جسده،
بل قطّعت قلبه، ودفنت “ليلى” في قبرٍ لا يراه إلا في صوته.
في “الحرف والدم”…
ليس الدم دائمًا نقطة نهاية،
فبعض الحروف تذبح أصحابها على مهل…
في بيتٍ،
ثم بيت،
ثم لا بيت بعدها… إلا القبر.