الكشف عن الحقيقة وراء ازدياد أمراض القلب بين الشباب

أميرة خالد
كشف مجموعة من الأطباء عن أسباب الحالات المأساوية التي شهدتها الملاعب الكروية في العقدين الماضيين، أبرزها وفاة لاعب إشبيلية أنتونيو بويرتا (2007) بعد سقوطه المفاجئ نتيجة مرض قلبي وراثي لم يُكتشف في الفحوص الدورية. سبقه المجري ميكلوش فيهير (2004) وتبعه لاعبون آخرون، ما دفع "فيفا" و"يويفا" إلى فرض اختبارات قلبية أكثر دقة قبل البطولات الكبرى.
ورغم ذلك، لا تزال السكتات القلبية تهدد الرياضيين والشباب عموماً. إذ تشير دراسات حديثة إلى ارتفاع مقلق في أمراض القلب بين الفئة العمرية 30-45 عاماً بنسبة 50% خلال السنوات الـ15 الأخيرة، وفقاً للبروفيسور سمير علم، أستاذ أمراض القلب في الجامعة الأميركية ببيروت.
ويرجع الأطباء هذه الزيادة إلى "خلطة قاتلة" تشمل الجلوس الطويل، قلة الحركة، التدخين التقليدي والإلكتروني، التغذية السيئة، السهر، وتلوث الهواء والضوضاء. كما أن كوفيد-19 ساهم في مضاعفة المخاطر القلبية حتى بعد التعافي.
ويحذر الأطباء من أن الاعتقاد بأن الشباب بمأمن من أمراض القلب "بات خطأ شائعاً"، مؤكدين أن عوامل مثل النوم غير الكافي، التوتر المزمن، وزيادة البدانة تلعب دوراً كبيراً في تفاقم الوضع.
وتعود السكتات القلبية المفاجئة لدى الرياضيين إلى أسباب وراثية غير مكتشفة، عيوب خلقية في القلب، أو اضطرابات في كهرباء القلب. لكن مؤخراً، باتت أنماط الحياة غير الصحية وتصلب الشرايين تلعب دوراً متزايداً حتى لدى الرياضيين الشباب.
ويؤكد الأطباء أن الحماية تبدأ من السلوكيات اليومية: الغذاء الصحي، النشاط البدني المنتظم، الإقلاع عن التدخين، والنوم الجيد ، كما ينصحون بإجراء فحوص القلب ابتداءً من سن الأربعين للرجال و45 للنساء، خصوصاً لمن لديهم تاريخ عائلي.
وفي هذا الصدد يشدّد البروفيسور سمير علم على أن صحة الفرد ليست مسؤولية الطبيب وحده، بل مسؤولية مجتمعية مشتركة بين الفرد وطبيبه والهيئات الصحية الرسمية ويضيف أن أفضل نصيحة يمكن تقديمها هي الانتباه إلى السلوكيات أولاً للوقاية من الأمراض، مؤكداً أنه لا ينبغي انتظار بلوغ الخمسين للتوقف عن التدخين أو مراقبة نوعية الطعام الذي نتناوله.
ويتابع قائلاً: "على الأم أن تولي اهتماماً مبكراً بنوعية الحليب والغذاء الذي تقدّمه لأطفالها، فهذه العوامل تؤثر في تراكم مسبّبات أمراض القلب لاحقاً. الوقاية تبدأ من المهد إلى اللحد."
ويرى علم أن إجراء الفحوص الطبية أمر مهم جداً، غير أنه يصطدم أحياناً بعقبات، أبرزها عدم توافر الإمكانات المادية. لذلك يقول: "الوقاية أولاً، والفحوصات ثانياً."
وبحسبه، يُستحسن أن يبدأ الرجال فحوص القلب عند بلوغ الأربعين، وتُنصح النساء بالبدء عند الخامسة والأربعين.
ويلفت إلى أن أكثر الأمراض انتشاراً وخطورة عالمياً هي أمراض القلب والسرطان، ولها مسبّبات ومؤثّرات مشتركة ، مؤكداً أن الالتزام بالإجراءات الوقائية لا يقي من أمراض القلب فحسب، بل يساهم أيضاً في تجنّب السرطان وربما أمراض أخرى.
ويضيف أن الحركة والرياضة لهما أثر إيجابي يتجاوز القلب إلى الحدّ من خطر الإصابة بالسرطان.
ويختتم علم قائلاً: "الأمور باتت واضحة، وما يظل غير محسوم هو مدى التزام الأفراد والمجتمعات بهذه الإرشادات. أمّا إهمال الصحة حتى وقوع المشكلة ثم قصدُ الطبيب لحلّها فليس منطقياً؛ كما يقول المثل: لا يصلح العطّار ما أفسده الدهر."
