Slaati
وائل السدرانوا

رمضان والعمل: شهر العطاء والخير

منذ 7 شهر03253

مشاركة

عندما يتحول الصيام إلى مجرد حجة لدى البعض لتبرير التقصير في أداء الواجبات، فإن ذلك يدل على عدم الفهم الحقيقي لمقاصد الصيام النبيلة والعظيمة. فالصيام ليس مبررًا للتراخي أو التكاسل، بل هو مدرسة تربوية تهدف إلى تهذيب النفس، وتعويدها على الصبر، والانضباط، والجدية في أداء الأعمال.
كيف يمكن أن نقبل أن يتراخى البعض عن إتقان أعمالهم بحجة الإرهاق الناتج عن الجوع أو العطش، في حين أن شهر رمضان هو شهر الجد والاجتهاد، وشهر الخير والعطاء، سواء في العبادات التي تقربنا من الله تعالى، أو في المعاملات المتعلقة بحقوق الآخرين وأداء الواجبات بإخلاص وأمانة؟
إن الربط الخاطئ بين الصيام والتكاسل يجعل بعض الموظفين والعاملين يتساهلون في أعمالهم، في حين أن تاريخ الأمة الإسلامية يشهد بأن رمضان كان شهر الانتصارات الكبرى، والعمل الدؤوب، والبذل في سبيل الله. ولم يكن الصحابة - رضوان الله عليهم - ولا السلف الصالح يرون في الصيام عائقًا يمنعهم من أداء مهامهم، بل كانوا يجتهدون أكثر، محتسبين الأجر عند الله.
فضل الصيام وعلاقته بالعمل
يقول النبي ﷺ: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم). وقد فسّر العلماء معنى إيمانًا بأنه التصديق بفرضية الصيام، ومعنى احتسابًا بأنه طلب الأجر من الله تعالى، دون تذمر أو تبرم. وهذا يعني أن الصائم ينبغي أن يؤدي صيامه بنفسٍ راضية، لا أن يجعله سببًا للتقاعس والتهاون في أداء واجباته اليومية.
ويؤكد التاريخ الإسلامي أن رمضان لم يكن شهر خمول، بل كان شهر العمل والإنجازات العظيمة، فقد وقعت فيه معارك حاسمة مثل غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، ومعركة عين جالوت، وهي أدلة تاريخية على أن الصيام لم يكن يومًا عائقًا أمام تحقيق الإنجازات، بل كان دافعًا لها.
العمل في شهر رمضان: بين الجهد البدني والمهني
يمكن تقسيم الأعمال إلى نوعين:
1.الأعمال التي تتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا، مثل العمل في مشاريع البناء، وتعبيد الطرق، وأعمال المزارع، وغيرها من المهن الشاقة. هذه الأعمال قد تشكل تحديًا للصائم، لذلك من الأفضل لصاحب العمل مراعاة ظروف العمال، من خلال إعادة جدولة أوقات العمل لتكون في الفترات المسائية إن أمكن، أو توفير بيئة مناسبة تقلل من مشقة الصيام.
2.الأعمال التي لا تحتاج إلى مجهود بدني كبير، مثل الأعمال المكتبية، والتي تتطلب التركيز والانضباط. هذه الوظائف لا ينبغي أن يتأثر أداؤها بالصيام، بل يجب أن يكون رمضان دافعًا لمزيد من الإتقان، حيث إن ساعات العمل غالبًا ما تكون أقل من الأيام العادية، ما يتيح للموظف فرصة لتنظيم وقته بشكل أفضل.
إن الموظفين الذين يتقاعسون عن أداء أعمالهم في شهر رمضان، هم غالبًا ممن يتهاونون في واجباتهم طوال العام، فليس من المنطق أن يكون شهر رمضان مبررًا لهذا التكاسل، خاصة وأن ساعات العمل في معظم الدول الإسلامية خلال رمضان لا تتجاوز ست ساعات!
الخلاصة: العمل عبادة ورمضان شهر الإنجاز
لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أن العمل عبادة، وهو جزء من مسؤوليتنا تجاه الله وتجاه المجتمع. فإذا كان الصيام تدريبًا على الصبر والانضباط، فإن أداء العمل بإخلاص في رمضان هو تطبيق عملي لهذا الصبر. ولنا في السلف الصالح قدوة، فقد كانوا يجمعون بين العبادة والعمل، ولم يكن الصيام حجة للتقصير، بل دافعًا للبذل والعطاء.
وكما أن رمضان شهد العديد من الفتوحات والانتصارات العظيمة، فيجب أن يكون اليوم شهر الإنتاجية والتفاني في العمل، وليس شهر التكاسل والتراخي. فمن يعمل بجد في رمضان، فهو يجمع بين الأجر الدنيوي والأجر الأخروي، ويحقق بركة الوقت التي وعد الله بها عباده الصائمين.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

c5e0dbcf-6c69-4e50-8301-66bee88865cb.jpg
ليبيا تتعادل ضد  الرأس الأخضر وتغادر تصفيات  المونديال
طرابلس
منذ 2 دقيقة
0
1340
53c1ee86-cada-4858-b11e-a5cbf6bdb75e.jpg
صديقة فينيسيوس تنهي علاقتهما بسبب الخيانة
برازيليا
منذ 10 دقيقة
0
1362
G1esd4cXoAESDPI.jpg
لقطة من جنوب قصر الحكم قبل 77 عام
منذ 16 دقيقة
0
1357
بـ 917 مليون ريال.. مشروع ضخم لتطوير جامع الدرعية الكبير
بـ 917 مليون ريال.. مشروع ضخم لتطوير جامع الدرعية الكبير
الرياض
منذ 34 دقيقة
0
1381
23141e6d-03df-49eb-9c5c-cc43759f33ad.jpg
الهلال يستهدف لاعب بايرن ميونخ
الرياض
منذ 41 دقيقة
0
1415
إعلان
مساحة إعلانية