Slaati
ميساء باشا

مفتاح العدالة

منذ 11 شهر03861

مشاركة

إن الوعي هو السمة التي تميز الإنسان، وتجعله قادراً على إدراك ذاته وما حوله؛ فهو عملية إدراكية تجمع بين فهم الذات والوعي بالكون من حولنا؛ بمعنى أن يجمع الإنسان بين الوعي بأفكاره، مشاعره، ودوافعه، وبين وعيه بالعالم الخارجي بكل ما فيه من علاقات وظواهر. وهذا المفهوم هو أساس اتخاذ القرارات التي تحدد مسار الإنسان في حياته. وهذا يتطلب أن يجتمع في الإنسان وعي ذاتي وآخر شرعي يقوده لتنظيم وعيه بكل ما حوله؛ فقصر الوعي على الذات وإهمال الشرع، يمسخه ليتحول إلى أداة للفساد بالظلم والطغيان؛ فعلى الرغم من أهمية الوعي الذاتي، فإنه يظل قاصراً لاستناده على العقل البشري الذي لا يمكنه الإحاطة بالأمور، من حيث الأصل والعواقب، وما يغشاها من الأفعال وردود الأفعال.

ومن هنا تظهر أهمية الوعي بالشرع؛ فهو المرجعية الكاملة التي تضبط مسار الإنسان وفق القيم الإلهية. يقول الله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) [النساء: ٥٩]، ليؤكد أن المرجع عند الخلاف هو كتاب الله وسنة نبيه، لا آراء الأفراد وحدها. وفي تكامل الوعي الذاتي والوعي الشرعي ما يضمن العدل في العلاقات والمعاملات؛ فالشرع يقدم للإنسان البوصلة التي تهديه للصواب، في حين أن وعي الذات يمكنه من فهم هذه النصوص وتطبيقها بمرونة وذكاء. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهمية هذا التوازن بقوله: (تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما: كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ).

على الجانب الآخر، إذا انفصل الوعي الذاتي عن الشرعي، تحكمت الأهواء والعقول القاصرة في القرارات، مما يؤدي إلى الظلم وتدهور العلاقات الإنسانية. وفي هذا السياق قال الإمام الشافعي رحمه الله: " كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي وكلما ازددت علما زادني علما بجهلي"؛ وهذه الحكمة تذكرنا بضرورة التواضع أمام شرع الله والاعتراف بنقص إدراكنا كأفراد. وبذلك يتضح أن بناء وعي شمولي؛ يقوم على الذات والشرع معاً، هو الأساس لضمان حياة متوازنة ومستقرة؛ فالشرع يوجه الإنسان، والوعي الذاتي يعينه على تطبيقه بوعي وإدراك. وهذا التكامل هو الضمانة لعلاقات إنسانية عادلة ومعاملات تقوم على الحق، والله تعالى يقول: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: ١٥٣].

إضاءة...

لا تقل ارتأيت؛ بل دعاني داعي الله فاستقمت مكاني.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

WhatsApp Image 2025-11-04 at 6.09.59 PM.jpeg
السليمان: يجوز قبول الهدية بعد التبرع ما لم تكن مشروطة.. فيديو
الرياض
منذ 46 دقيقة
0
1465
WhatsApp Image 2025-11-04 at 11.12.58 PM.jpeg
محلل مالي : من لا يتمتع بالصبر سيتعب في سوق المال .. فيديو
الرياض
منذ 51 دقيقة
0
60143
WhatsApp Image 2025-11-04 at 10.02.00 PM.jpeg
شركة عبدالصمد القرشي توفر وظائف شاغرة
الرياض
منذ 51 دقيقة
0
1494
WhatsApp Image 2025-11-04 at 10.04.21 PM.jpeg
علامات تشير إلى نقص فيتامين د في الجسم
الرياض
منذ 52 دقيقة
0
1481
WhatsApp Image 2025-11-04 at 7.22.30 PM.jpeg
أسعار ومواصفات سوزوكي جراند فيتارا 2026
طوكيو
منذ 52 دقيقة
0
1479
إعلان
مساحة إعلانية