Slaati
إيلانا عادل الشريف

ومن قال أنك تأخرت؟

منذ 4 شهر01896

مشاركة

الحب لا يطرق الأبواب مستأذنًا، ولا يأتي متقيدًا بتقويمٍ عمري أو جدولٍ إجتماعيّ، هو حالة إنسانية خالصة، تتجاوز الزمن، وتتخطى الأطر التي رسمها الناس لما "ينبغي أن يكون".

من قال إن القلب يشيخ؟ ومن أوهمنا أن في الحب "قطارًا" يُفوّت؟ القلب لا يسير على سكك الحديد، بل على بوصلةٍ داخلية لا يُدركها إلا من عرف معنى الشوق والاحتياج والطمأنينة حين تُلقى النفس في حضنٍ آمن.

لطالما أراد الناس أن يُعلّبوا مشاعر البشر في قوالب جامدة: هذا عمر الحب، وهذا زمن الزواج، وهذا الوقت "الأنسب" للعطاء العاطفي، وما عداه فهو تأخر، أو محاولة يائسة لالتقاط ما فات.

لكن! الحقيقة أعمق من كل هذا الضجيج.

فالحب، كما يقول ألبير كامو: "هو ما يمنح وجود الإنسان معنى"، ولو أدرك كلّ منا هذه الحقيقة، لما تردّد لحظة في أن يحتفي بالحب متى ما جاء، وكيفما أتى، ما دام تحت مظلة الحلال ودفء المسؤولية.

في ثقافتنا العربية كثير من التناقضات، نمجِّد الحب في القصص، ونحاربه في الواقع حين يأتي متأخرًا أو من غير توقيت "مناسب".

نُشفق على من لم يتزوج، ونستنكر أن يحب أو يُحب!

لكن في علم النفس والعلاقات، يقول المختصون إن الحاجة للارتباط العاطفي لا تتلاشى مع الزمن، بل تتبلور وتنضج، وقد تُصبح أشدّ حضورًا في المراحل الهادئة من العمر، حين يصبح القلب أكثر وعيًا بذاته، وأشدّ رغبة في الطمأنينة لا الإثارة العابرة.

أما ابن حزم الأندلسي كتب عن الحب فيلسوفًا لا فقيهًا فقط، حين قال "إن معانيه دقيقة لجلالتها، لا تُدرك إلا بالتجربة".

والتجربة لا تسأل عن تاريخ الميلاد، بل كلما عبر الإنسان محطات الحياة، صار أقدر على فهم الحب، وتقديره، والوفاء له. لم يكن الحب يومًا ترفًا، بل ضرورة وجودية، ولعل أجمل صوره تلك التي تأتي بعد النضج، بعد العثرات، بعد أن عرف الإنسان قيمته وحدوده.

الزواج، حين يكون نابعًا من محبة راشدة، ليس مجرد عقد إجتماعي، بل ميثاق سكينة.

والحب الحلال ليس ضعفًا، بل هو القوة الحقيقية التي تجعل الإنسان متوازنًا، راضيًا، قادرًا على مواجهة الحياة.

فالقلوب تحتاج إلى من يُربِّت عليها، كما تحتاج الأرواح إلى من يسمعها بلا حكم، ويحضنها بلا شروط.

لا عيب في أن نُحب، ولا تأخر في أن نُرزق. ومن رُزق قلبًا محبًا، ويدًا تمتد بصدق، فقد أصاب خيرًا كثيرًا. لا تسمع لمن يقول لك إن الوقت قد فات، أو إنك تسير عكس التيار. فالتيار الحقيقي هو ما يوافق قلبك، وفطرتك، وكرامتك. ولعل أجمل ما قيل في هذا: ليس هناك وقت خاطئ للعثور على من يجعل قلبك يطمئن.

دع الحب يأتي، ولو بعد مطرٍ تأخر، ففي بعض التربة، لا تزهر إلا بعد أن تروى بصبر. والأهم أن يُزهر في الحلال، وتحت ظلّ من يعرف كيف يحبك لأنك أنت، لا لأن عمرك مناسب أو ظروفك مثالية. الحب الحقيقي لا يعترف بالتوقيت، بل بالحقيقة.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

31469db9-c2b6-4334-941c-eb1ae52ca596.jpg
البكيري: فشل قيد الشمراني خطأ واضح
الرياض
منذ 33 دقيقة
0
1439
7a8e096c-5855-4ded-9e58-2a2aeca875eb.jpg
ميسي يقترب من غلطة سراي التركي
أنقرة
منذ 34 دقيقة
0
1437
c64f21d6-17bc-47de-9faa-690822d1d0e4.jpg
نجمة إندونيسيا تبكي بحرارة بعد لقائها نانسي عجرم .. فيديو وصور
خاص
منذ 34 دقيقة
0
1436
70239483-7a82-436c-b4bd-ec542bf4519a.jpg
مختص: المضاد الحيوي لا يعالج الإنفلونزا وقد يسبب أضرارًا خطيرة  .. فيديو
الرياض
منذ 35 دقيقة
0
1430
5d30c9b5-e7ea-4038-8abe-a47492b8e31e.jpg
الهلال يستعيد ثلاثة نجوم قبل مواجهة النجمة
الرياض
منذ 1 ساعة
0
1512
إعلان
مساحة إعلانية